العنف في المدارس .. ظاهرة تهدد مسيرتنا التعليمية
معلمون تهشمت سياراتهم وآخرون يُعتدى عليهم بالضرب
تحقيق موسى الكثيري
* عندما يتناقل الناس أخبار وأشكال النظرة الاجتماعية للمعلمين في بلادنا خلال العقود الثلاثة المنصرمة وما كان يحظى به من تقدير واحترام فائقين تصل درجاتهما إلى حد الرهبة والخوف من وقوف الطالب أمام معلمه أو حتى إطالة النظر في محياه، أقول عندما تتناقل تلك الأخبار يصاب معلم اليوم بالحسرة والألم من الواقع الذي يعايشه في مدارسنا التي لم يعد المعلم فيها سوى ذلك "الملقن" مع علمي أن هذا اللفظ سيغيظ التربويين إلا أنها الحقيقة المرة.
وما وصل إليه حال معلمينا اليوم من انهزامية وتراجع عن مراكز الصدارة في التوجيه والتربية والتعليم في ظل منافسة وسائل الإعلام المختلفة خصوصاً القنوات الفضائية المتعددة التي لم تخل من تربيتها لطلابنا في كيفية التمرد على المعلم وتهميشه.
والحقيقة ان المعلم اليوم لا يقل عن معلم الأمس علماً وخلقاً واتقاناً، بل قد تكون لوسائل التربية الحديثة ميزة في ترجيح الكفة لصالح معلم اليوم مع ما نسمع عن بعض الحالات النادرة من بعض المعلمين اليوم ويبقى الفضل وقصب السبق للرعيل الأول من المربين، وما دعاني لهذا التشاؤم لواقع المعلم هو ما رأيت وسمعت وعايشت من انتهاك لأبسط حقوق المعلم بل وأهمها في الوقت نفسه ألا وهي حريته وسلامته.
وإيماناً من "الرياض" بدور المعلم البارز في تخريج أجيال تتحلى بالتربية قبل التعليم وبالأدب قبل الشهادة سنطرح بعضاً من الحالات التي سنقول أنها نادرة تفاؤلاً لبعض المواقف التي تعرض المعلم فيها لبعض الممارسات الغريبة على طلابنا وأبنائنا في مجتمع يتربى أبناؤه على تقدير المعلم وأهله. وبلغ الأذى الذي تعرض له بعض المعلمين إلى التعدي على الممتلكات الخاصة سواء من سرقة للسيارات أو تهشيمها أو اتلاف الإطارات بشكل عدواني مخيف ناهيك عما يحصل في مدارسنا من إتلاف لمحتويات المدارس وعبث وتخريب للأجهزة وتشويه للجدران.
أذى الطلاب
معلم في إحدى مدارسنا الثانوية كان قد تعرض لأذى بعض الطلاب يروي قصته ل"الرياض" فقال: انني ما تعرضت له لا يعنيني شخصياً فقط بل يمس جميع المعلمين حيثما كانوا وما حدث هو تعرض سيارتي أمام المنزل في وقت متأخر من الليل للتكسير ورش جوانبها بالأصباغ وتمزيق الإطارات بالسكاكين على الرغم من عدم وجود أي خلاف شخصي بيني وبين أي طالب بالمدرسة ولله الحمد.
وأضاف يقول: ما حدث لي ليس سوى جانب من جوانب الظاهرة التي بدأت تنتشر بين طلابنا وهي ظاهرة العنف بين الطلاب وضد المعلمين كذلك، وما نخشاه الآن نحن معشر المعلمين أن يطال هذا الأذى أسرنا وأهلينا فإذا كانت سيارتي تُحطم أمام منزلي فقد يكون المنزل المحطة القادمة لا قدر الله.
وعزا المعلم هذه الظاهرة إلى بعض القرارات التي ساعدت الطلاب سييء الخلق للتمرد على المدرسة والمعلمين فالطالب الآن لم تعد درجات السلوك والمواظبة تخيفه بعد أن سحبت من المعدل النهائي في الشهادة الدراسة وأصبح بإمكان الطالب الحضور للمدرسة في الوقت الذي يفضله وما زاد من تمرد الطلاب المهملين بل إن المعلم اليوم لم يعد يحق له إخراج الطالب من الفصل الدراسي إذا ما أساء أدبه ناهيك عن تقصيره في دراسته، وقد يكون من الأسباب كذلك منع بعض الإجراءات الرادعة لبعض الحالات الطلابية الشاذة التي كان للقنوات الفضائية دور كبير في نقلها لطلابنا.
كما أن توافر أدوات مدرسية تعين على العنف كوجود بعض أنواع السكاكين على هيئة أقلام وغالباً ما تضبط مع الطلاب، وناشد المسؤولين في اتخاذ الإجراء المناسب الذي يحقق للمعلم الجو المناسب لأداء رسالته السامية ولضمان أقل حقوقه وتمتعه بالحرية.
تهديدات
وفي حالة أخرى لمعلم عرف بين زملائه ومشرفيه وطلابه بالحرص الشديد على أداء واجبه التعليمي والتربوي تصور تلك الحالة حجم المعاناة التي يلاقيها بعض معلمينا الأكفاء... معلم اللغة العربية (وتحفظ الجريدة باسمه) يقوم بتدريس مناهج الصف الثالث الثانوي وتفانى في شرح كل شاردة وواردة في المنهج حتى لا يقع الطلاب في نهاية العام في مطبات أسئلة الوزارة وغالباً ما يبتهج طلابه عندما يتسلمون أوراق الأسئلة لإلمامهم التام بإجابتها.. وبالطبع فهناك من الطلاب من لم يرق لهم هذا النوع من المعلمين فأخذوا في محاولة ثنيه عن هذا الأسلوب والضغط عليه بطرق مختلفة ويقول المعلم: تلقيت تهديدات بلغت إلى التهديد بالقتل ومع ذلك لم آبه بذلك ولم أغير أسلوب تدريسي وطريقتي، ومن ثم تحولت التهديدات إلى واقع من خلال تعرضي لمحاولة دهس بالسيارة أمام باب المدرسة وتم ابلاغ الجهات المعنية إلا أن شيئاً لم يتغير وأمام باب المدرسة كذلك هشمت سيارتي ورشت بالدهان بعد انتهاء الطلاب من اختبار إحدى مواد اللغة العربية للثانوية العامة، وظل الأمر على ما هو عليه من عدم حصولي على أدنى حقوقي.
وتمادى الأمر وتعدى حدود المدرسة بتعرض المعلم مع أسرته لملاحقته في سيارته، ولخشيته من التعرف على المنزل ظل المعلم يجوب شوارع الرياض لأكثر من ساعة ونصف حتى تخلص من تلك السيارة التي تلاحقه.
دهس متعمد
وفي حادثة قد تكون أكثر ألماً تمثلت في تعرض أحد معلمي مادة اللغة الإنجليزية في مدرسة ثانوية إلى حادث دهس متعمد عند خروجه من مسجد الحي بعد صلاة العشاء ولكون الحي مظلماً لم يتمكن أحد من معرفة رقم سيارة الجاني، وحمل المعلم إلى أقرب مستشفى مضرجاً بدمائه بعد أن أصيب بكسر في ساعده الأيسر وكسرين في جمجمته وارتجاج في الدماغ نتج عن ذلك فقدان لحاسة الشم إلى الآن وبقي في غرفة الانعاش فترة من الزمن شاءت قدرة الله أن يعود بعد تلك الحادثة أكثر حباً وإخلاصاً لرسالته كمعلم إذ كان ولا يزال مثالاً للمعلم المخلص ويثبت ذلك تقديرات أدائه المتميزة وشهادة مدير مدرسته وزملائه.
باشر أحد أقسام الشرطة القضية وبعد بحث عن مواصفات السيارة التي ارتكب بها الحادث لم يتم العثور على الجاني، ولا تزال القضية معلقة.
وبعد عام من الحادث يقول المعلم: رن جرس هاتف منزلي وإذا بأحد الزملاء يتلقى تهديداً مباشراً من مجهول ظن أنني أنا المتحدث والفاجعة تتكرر عندما يكرر المتصل التهديد لي بالقتل وبنفس الطريقة التي نجوت منها العام الماضي واستمعت لكل هذا من سماعة أخرى في المنزل بعد إشارة زميلي برفعها وفضل الله كنا قد أدخلنا خاصية إظهار رقم المتصل قبل أيام لهاتفنا وما كان مني إلا أن تقدمت بشكوى ضد صاحب هذا الرقم وبشهادة زميلي لمركز الشرطة، وذلك لتوفير الحماية وكشف هذا الذي يصرّ على تهديدي، وكاد يودي بحياتي وأخذ التحقيق مجراه وأحضر صاحب الرقم بعد مماطلة طويلة لتكون المفاجأة أن ذلك المتصل وربما يكون ذلك الجاني هو أحد طلابي!
عقوق الأبناء
وإذا أردنا ان نسترسل في سرد بعض معاناة معلمين أفذاذ ذاقوا ألم العقوق من أبنائهم الطلاب فسيطول بنا المقال وتبقى قضية طلاب ثانوية تمد في المدينة المنورة واعتداء ستين طالباً من طلاب المدرسة على عشرة معلمين في طريق عودتهم لمقر إقامتهم مثالاً ليس بأخير ولو اتخذ مع كل قضية من الحزم والعقوبة مثلما اتخذ مع الطلاب الذين ثبتت إدانتهم في حادثة ثانوية تمد من أمر صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة بالقبض على المشاركين في الاعتداء على معلمي ثانوية تمد واستكمال التحقيق معهم وجلد من ثبتت إدانته أمام المدرسة، أقول لو اتخذ معهم مثلما اتخذ في تلك القضية لما تكرر سماع جلد المعلمين واتلاف سياراتهم ولما قرأنا على أعمدة الصحف حوادث الاعتداء على المعلمين.
الرأي النفسي
وللتعرف على أسباب انتشار مثل هذه الظاهرة بين طلابنا قال الدكتور سليمان بن عبدالله الفيصل أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود في قسم الاجتماع بكلية الآداب في جامعة الملك سعود: يمر الفرد بجملة من التغيرات الاجتماعية والنفسية في مرحلة من مراحل عمره، وتعبر هذه التغيرات عن مصادر التوجيه وعن الرصيد الثقافي والديني والاجتماعي الذي تحويه ثقافة المجتمع فكلما كان مصدر التوجيه واحداً ومتماسكاً كان الالتزام قوياً وقلت مع ذلك الآثار السلبية والمشكلات الناتجة عنه فالمجتمع السعودي شهد تغيراً نوعياً في جوانب عديدة اجتماعية وثقافية نتيجة الانفتاح المجتمعي.. وتعدد مصادر التوجيه هذا التنوع في المصادر والاختلاط الثقافي مع وجود بعض القوانين والأنظمة التي تقف أحياناً مع جانب ضد الاخطار بمعنى تقف مع الجديد ضد القديم وتظهر الكثير من السلبيات التي يلحظها المتخصصون في علم الاجتماع والتربويون بل حتى أفراد المجتمع يلحظون ذلك بدرجات متفاوتة.
وتؤكد الدراسات وجود انخفاض في قبول آراء الوالدين وتوجيهاتهم ويزداد العزوف عن توجيهات الأبوين بتزايد العمر حتى يبلغ ذروته في السنوات الأخيرة من الثانوية.
ويضيف الدكتور سليمان العقيل يقول: هناك أيضاً دراسة للدكتور النغيمشي تشير إلى ان هناك انخفاضاً في اتصال المراهقين بالراشدين من آباء ومدرسين وغيرهم وتبين الدراسة انخفاض التفاعل من قبل الراشدين وجفوتهم للمراهقين وسوء المعاملة، وفقد الملاحظة يؤدي إلى تضاعف اتصال المراهقين برفقتهم وازدياد التعلق والتأثير بها.
وفي الوقت الذي يشهد المجتمع السعودي التغير السريع والاتصال المجتمعي مع ثقافات المجتمعات المغايرة نجد ان الكثير من نظم التعليم بوعي أو بغير وعي تسير في طريقين متوازيين الأول: التأكيد على عقيدة وقيم وأخلاقيات المجتمع كقيم عامة مجردة جامدة مكتوبة في أمهات الكتب وغير مفعلة في الحياة العامة..
والطريق الثاني الأخذ الشديد الشره بمعطيات المجتمعات الأخرى من نظم وتقنية وأدوات وما تمد به هذه المعطيات من ثقافة معنوية وقيم وأخلاقيات، وبالتالي يجد الطالب نفسه موزعاً بين التراث بماضيه الجميل ومثاليته وبين واقع من الأنظمة والقوانين التربوية والنفسية وغيرها لا تنطبق مع معطيات الثقافة السابقة وبالتالي وجد الطالب نفسه بين هاتين الطريقتين يأخذ من كل ما يفيده في أوقاته.. ونتيجة لهذا التضاد وعدم تفعيل المعطيات التراثية الثقافية في واقع التعليم وجد الكثير من عدم الاكتراث بالمدرسة والمدرس وكأن المعلم يعمل حارساً أمنياً على الطالب، أو أنه عدو له أو أداة للاستفادة منه فقط.. ووجد من يعنيه على ذلك من الأنظمة التي تحرم ان يكون المدرس نموذجاً ومثالاً يحتذى به.. وله نوع من السلطان على الطالب وطريقة ايصال المعلومة بل ان المدرس في أذهان الجميع أداة توصيل المعلومة، شأنه شأن الكتاب أو المدرسة بمعنى قتل الجانب الإنساني فيه فأصبح أداة للتوصيل دون التفاعل، وحدث ذلك بحجج مختلفة.
وأكد الدكتور العقيل ان من أخطر الأمور في سيرة التعليم ان يفقد المعلم هيبته واحترامه أمام طلابه لأنه إذاك لن يعوض ويصبح المجتمع أمياً في نواحي الأخلاق والقيم والسلوك السليم لأن التعليم يمكنه الاستغناء عن مبنى المدرسة وأدواتها من كتب وطباشير وخلافها من الماديات غير ان إنسانية المدرس وأخلاقه وقيمه وعلمه وتجربته وتربيته لا يمكن ان يستغنى عنها في زمن أصبحنا فيه نسمع بين الحين والآخر تطاول طلاب على مدرس بالضرب أو السب والشتم أو بالتهديد إما في نفسه أو في أفراد أسرته ولا يجد الطالب رادعاً قوياً من المجتمع أو النظم بل ينتهي الأمر إلى صلح يبني عليه الطالب أو من لديه الاستعداد للاعتداء ان هذا الأمر سهل وبمقدور أي طالب فاشل أو ضعيف ان يقوم به. وهنا يسقط التعليم ويتحدث الجميع عن عصابات المدارس والاختلال في المجتمع لأن المدرسة سوف تخرج هذه النوعية الرديئة للمجتمع فتكون وبالاً على أمن المجتمع واستقراره.
الردع واجب
لذا فإن إعادة تفعيل منظومة القيم الاجتماعية الرادعة والمحددة لمسيرة الطالب والمجتمع أمر في غاية الأهمية وأدعو إلى تبني مشاريع اجتماعية لإعادة التفكير في مثل هذه القضايا على نطاق واسع وبشكل منظم يشمل الاختصاصيين والتنفيذيين ومجلس الشورى للخروج بتصور اجتماعي لبناء ثقافة المجتمع الجديد وفق القيم الدينية وتفعيلها في الواقع.
الطلاب لهم رأي أيضاً!
وحاولنا التعرف على أسباب وقوع مثل تلك القضايا وموقف الطلاب منها فيقول الطالب العتيبي ان المعلم قد يكون سبباً أحياناً في وقوع المشكلة له وذلك بالتشديد على الطلاب في الأسئلة وأثناء الحصة، والطلاب لا يفضلون هذه النوعية من المعلمين والحديث للطالب لكن المعلم المحبوب من الطلاب لا يصله أذى من الطلاب أبداً بل يكون محبوباً من جميع الناس.
أما الطالب محمد القحطاني فيؤكد أننا لا نقبل مثل هذه التصرفات من زملائنا الطلاب ومعظم هذه المشاكل تكون من طلاب فاشلين دراسياً أو من طلاب انقطعوا أو فصلوا من مدارسهم لضعفهم الدراسي وسلوكهم المشين ونتمنى ان يتخذ معهم العقاب المناسب الذي يردعهم ويكون عبرة لمن تسول له نفسه ان يؤذي أي معلم.
وأخيراً لا يعني ان مثل هذه الحوادث خلو مدارسنا من الطلاب الذين تلقوا التربية السليمة في مدرسته وأسرته بل هناك نماذج عديدة تؤكد مكانة المعلم المرموقة لدى طلابه ومجتمعنا المسلم يحفظ للمعلم تقديره واحترامه كما ان وزارة المعارف تبذل ما بوسعها لجعل المعلم نوراً يهتدى به وقدوة لأجيالنا.!!!!!!!
===============================================
اول شي الحمدلله رب العاليمن انو مدرستنا لاتوجد فيها هذي المشاكل ولا الحوادث
الحمدلله توجد في مدرستنا الحب والود بين المدرسين
لاكن اريدك ان تجيبوني على هذا السؤال:
س/لماذا تحدث هذه الحوادث للمدرسين الذي يتعبوا ويجتهدوا لكي يوصل الينا العلم النافع من قبل الطلاب؟؟
{{اختلاف الرأي لايفسد في الود قضية}}
<<منقووول>>>